2011/03/18

معركة الاستفتاء تزداد سخونة.. التيارات الإسلامية والحزب الوطنى فى كفة "نعم" والأقباط والقوى السياسية فى كفة "لا".. وحرب صفحات الـ"فيس بوك" تتصاعد بين مؤيد ومعارض

لم يبق أمام المصريين لخوض أول اختيار حقيقى فى ممارسة الديمقراطية بعد نجاح ثورة 25 يناير وإسقاط النظام السابق سوى ساعات محدودة، ليقول الجميع رأيه وبحرية تامة ولأول مرة فى التاريخ الحديث يتم استفتاء المصريين على شىء والنتيجة غير معروفة بعد، هل هى لصالح من يقولون "نعم" أم لصالح من يقولون "لا".

اللافت أن التيارات الإسلامية بكل تنويعاتها وتصنيفاتها من إخوان مسلمين وجمعية شرعية وجماعات إسلامية وجمعية شرعية وأنصار السنة، وشيوخ السلفية، جميعهم قالوا نعم، ويدعون لذلك، وفى المقابل الصف اليسارى والحزبى وغالبية منظمات المجتمع المدنى والشخصيات التى تحدثت باسم الثورة من شباب ائتلاف التغيير والجمعية الوطنية للتغيير، جميعهم قالوا "لا"، ويدعون الشعب لذلك.

ولكن يبقى أن الشعب المصرى وحده سيكون فى غدا الثامنة صباحا هو صاحب القرار فى تحديد مصيره ومصير التعديلات الدستورية، وبدأت التيارات السياسية تسعى الآن لحشد قوتها وإعلان التعبئة فى كل مكان لدعم وجهة نظرها، ولكن اتفق الجميع إلى أن يكون "19 مارس" يوم الديمقراطية الحقيقى وعلى كل مواطن أن يشارك فى الاستفتاء ويدلى برأيه سواء بنعم أو بلا.

جماعة الإخوان أعلنت أنها ستقول نعم وحشدت رجالها فى كافة المحافظات بنشر دعوات على كافة المصالح الحكومية بالموافقة على التعديل، واستندوا فى تأييدهم على عدة نقاط هامة أوضحها الدكتور عصام العريان، القيادى البارز فى الجماعة فى مقاله له بعنوان "لهذا سأصوت بنعم للتعديلات"، وقال فيها إن التعديلات تعد لدستور جديد لمصر يليق بها وينهى عهداً استمر قرابة ستين عاما دون حياة دستورية حقيقية، فضلا عن أنها تلزم "مجلسى الشعب والشورى" بانتخاب جمعية تأسيسية خلال ستة أشهر، مؤكدا على أن الدستور الجديد يجب أن يعكس واقعا سياسيا ومجتمعيا جديدا ولا يتم فرضه على المصريين دون حراك شعبى وحوار مجتمعى ونشاط سياسى، لذلك كانت الانتخابات البرلمانية هى الفرصة لبلورة تلك القوى السياسية وإجراء ذلك الحوار الوطنى وتنشيط المجتمع المصرى، وكذلك لقطع الطريق على الثورة المضادة دخول وفلول الحزب وحماية الأمن القومى المصرى ونقل السلطة إلى الشعب.

ما استند عليه الإخوان من مبررات للموافقة بنعم على التعديلات لاقت قبولا لدى قطاع كبير فى البداية، بل وازدادت حالة القبول لدى الشعب المصرى بقيام عدد كبير من الرموز الإسلامية بالموافقة على الدستور، وعلى رأسهم الداعية الإسلامى الشهير الشيخ محمد حسان، والشيخ صفوت حجازى، وانضم إليهما أبو العلا ماضى رئيس حزب الوسط والقيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، وبالتالى أصبحت كل التيارات السياسية فى اتجاه واحد بعد إعلان عبود الزمر فور خروجه من السجن التأييد للاستفتاء هو الآخر.

فيما أصدرت الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة بيانا طالبت فيه أتباعها والمصريين بالموافقة على التعديلات الدستورية غدا خلال الاستفتاء، معتبرة أن الموافقة تعد خطوة أولى نحو صياغة دستور متكامل فى ما بعد، كما طالب مجلس شورى جماعة أنصار السنة المحمدية، المسلمين ألا يتأخروا عن التصويت "بالموافقة" على التعديلات الدستورية.

وأجمعت الكنائس المصرية الأربعة على الاتفاق على رفض التعديلات الدستورية من خلال المشاركة الايجابية للأقباط وإعلان كلمة "لا"، وبالفعل قامت الكنائس بتوزيع منشورات توضح ما الدستور والدستور الحالى، وقال المنشور "شارك برأيك وخليك إيجابى وقول "لا" للتعديلات الدستورية لا لترقيع الدستور مطلبنا دستور جديد"، وقال منشور آخر "إذا أردت تحقيق الشرعية ولضمان حقوق المواطن فى حرية التعبير وإلزام السلطات العامة باختصاصاتها، فلابد أن تقوم بالمشاركة غدا فى الاستفتاء سواء بكلمة نعم أو لا، وذلك لجميع المواد المعدلة وليس تفصيلا بينها بناء على وجهة نظر كل مصرى"، وطالب اليوم الكهنة من الأقباط فى الكنائس بمشاركة غدا بالاستفتاء حتى نعبر مصر إلى دولة ديمقراطية.

وأعلنت الكنيسة القبطية رفضها من خلال حملة على موقع أسقفية الشباب على موقع التواصل الاجتماعى الفيس بوك وتويتر من خلال جروب (مصر أمنا.. أسقفية الشباب)، تحت رعاية الأنبا موسى أسقف عام الشباب.

وأعلن الدكتور القس بطرس فلتاؤس، رئيس الطائفة المعمدانية الأولى، رفضه لهذه التعديلات الدستورية التى وصفها بالترقيع الدستورى الذى يهدف لعودة الديكتاتورية مرة أخرى.

كما خرج الحزب الوطنى ليؤيد الموافقة على التعديلات، وهو الأمر الذى زاد من قلق باقى القوى السياسية وهاجس أن الإخوان والوطنى هم أول من سيحصدان نتائج الثورة وليس أبطالها الحقيقيين، فضلا عن أن تأييد الإخوان ينعكس من رصيدها لدى الشارع السياسى، وبالتالى ستحصد معظم المقاعد فى البرلمان المقبل.

باقى الأحزاب الأخرى ومنظمات المجتمع المدنى، أعلنوا رفضهم الاستفتاء، فأصبح الشعب بين مؤيد ومعارض أو بالتعبير الصحيح بين كلمتين "نعم أو لا"، وتحول الأمر من ممارسة ديمقراطية حقيقية إلى حرب معلن.

بينما دعا حزب مصر العربى الاشتراكى كل مواطن له الحق فى الاستفتاء والانتخاب على أرض مصر أن يتوجه إلى صناديق الاستفتاء على التعديلات الدستورية المطروحة ليقول "لا" لهذه التعديلات التى لم ترق لمرتبة تلبية آمال وطموحات الشعب التى تقيدت بما عرضه الرئيس السابق من مواد فأراد منها تسكين ثورة الشعب، ولم تمس الكم الهائل من الصلاحيات التى أعطاها لنفسه هو ومن سبقه بواسطة ترزية القوانين.

أكد أبو العز الحريرى، وكيل مؤسسى الحزب الاشتراكى الديمقراطى، أن تلك التعديلات بمثابة "ترقيع" لدستور أسقطته الثورة، وأضاف أنه بناء على تلك التعديلات سيتم انتخاب الرئيس القادم وفقا لدستور 1971، ودون أى تغيير فى السلطات غير المطلقة التى يمنحها هذا الدستور له، مشيرا إلى أنه فى تلك الحالة سيصبح كل من الحزب الوطنى والإخوان المسلمين هما القوى الأكثر تأثيرا فى قرارات الرئيس، وهو ما ينذر الخطر، بينما اقترح تشكيل مجلس رئاسى مع وضع دستور جديد يضمن تحول مصر إلى دولة برلمانية.

ومن جانبه أكد عبد الغفار شكر، المنسق العام لتحالف اليسار، أن أصوات الناخبين فى المناطق الريفية هى من ستحسم معركة التعديلات، فإذا استطاعت القوى السياسية، ما عدا جماعة الإخوان المسلمين الموافقة على التعديلات، الوصول لتلك الفئات وإقناعهم بالتصويت بلا ،ستحسم نتيجة التصويت لصالح وضع دستور جديد، مقترحا البدء فى فترة انتقالية لمدة سنة يوضع بها دستور جديد يتم إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفقا له.

وردا على وجهة النظر التى تدعو للتصويت بنعم بهدف تحقيق "الاستقرار"، أوضح شكر أنه فى الحالتين لن يتحقق الاستقرار، وذلك لطبيعة الفترة الانتقالية التى تمر بها مصر التى تشهد صراع بين قوى الثورة و بقايا النظام القديم، بالإضافة إلى مشاكل متعلقة بالأمن والاقتصاد، مؤكداً على أن تحقيق الاستقرار لن يتحقق إلا بتحالف جميع القوى السياسية والوطنية لذلك الهدف.

فى الوقت نفسه أشار طارق العوضى، المدير القانونى للمركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أنه سيصوت بـ"لا" كأى مصرى حقيقى، على حد تعبيره، واصفا التصويت بـ"نعم" بالالتفاف على مطالب الثورة وخيانة لدم الشهداء، خاصة أن أى رئيس سيأتى لمصر وفقا للصلاحيات التى يمنحها له الدستور الحالى سيتحول إلى "فرعون" جديد، لذلك لا بديل عن وضع دستور جديد، وأضاف أن ما قام به الإخوان المسلمون من إصدار فتوى للتصويت بنعم لتلك التعديلات الدستورية يضعهم فى "مأزق تاريخى"، مشيرا إلى أن استخدام الدين لأغراض سياسية يهدد الدولة المدنية التى طالبت بها ثورة 25 يناير.

الحرب على الموقع الاجتماعى الـ"فيس بوك" "المحرك الأساسى لثورة 25 يناير" كانت أكثر سخونة، فالرسائل تنهال بين مؤيد ومعارض، وتم إنشاء المئات من الصفحات للطرفين للدرجة التى وصلت، لأن يقوم نشطاء بنشر صور لأوراق وإعلانات دعائية تدعو المواطنين للتصويت على التعديلات الدستورية بـ"نعم"، بزعم أن الموافقة على التعديلات الدستورية واجب شرعى، فيما وصفت صفحات أخرى هذه الدعايات بـ"الرخيصة"، وأشاروا إلى أنها تكشف تعمد تيار الإسلام السياسى خلط الدين بالسياسة.

وبقدر ما كانت التعليقات على الـ"فيس بوك" معبرة عن حال المصريين غير أن أحد التعليقات كان الأكثر انتشار لما يحمله فى طياته بين رسائل قوية ودلائل وهو "خيرونا بين مبارك والفوضى، اخترنا الفوضى فرحل مبارك.. خيرونا بين عمر سليمان والفوضى، اخترنا الفوضى فرحل عمر سليمان.. خيرونا بين شفيق والفوضى، اخترنا الفوضى فرحل شفيق.. خيرونا بين هيكلة أمن الدولة والفوضى، اختارنا الفوضى فحل جهاز مباحث أمن الدولة.. الآن يخيرونا بين دستور مرقع والفوضى.. فسنختار الفوضى عشان نغير

ليست هناك تعليقات: